التعامل مع الضغط النفسب الناتج عن متابعة أخبار الأمراض الوبائية

التعامل مع الضغط النفسب الناتج عن متابعة أخبار الأمراض الوبائية

الدكتور يوسف مسلم

التعامل مع الضغط النفسي الناتج عن متابعة أخبار الأمراض الوبائية
ما يجب أن نعرفه في هذه الأيام بأننا قد نواجه مشاعر غير سارة، ليس بالضرورة لحصول خطرٍ حقيقي بسبب هذا المرض (كورونا)، لكن بسبب مخاوفنا، والتي في الغالب قد تكون بدرجة مبالغٍ بها، خاصة وأننا نتعامل مع أخبارٍ قد تسبب درجة مرتفعة من التعرض للضغط النفسي، على الرغم من أن احتمال الإصابة الحقيقي منخفض، بل وقد يكون بعيداً عنا جداً.
 
 
إن علامات الضغط النفسي عند الشعور بأي تهديد حتى لو كان احتماله بسيطا هي علامات طبيعية، وبالنسبة لنا كمتخصصين في مجالات الصحة النفسية، فنحن نطلب منك أن تراقب صحتك النفسية، لتبقى بخير جسدياً ونفسياً. فتعرَّف معنا على علامات التوتر التي قد تنشأ لديك أو لدى أحد من حولك. واعرف كيف تخفف من هذا التوتر.
 
لتعرف علامات الضغط النفسي من الواجب أن تفرّق بين الدرجة الطبيعية، والدرجة المرتفعة والتي قد تسبب مستوى من الانزعاج النفسي بشكل أعلى من الطبيعي، وفيما يلي أهم الاستجابات السلوكية والجسدية والعاطفية والإدراكية وكلها من العلامات الشائعة للضغط النفسي، وتظهر على شكل عوارض قد تصفها بالتوتر. وقد تلاحظ ظهور بعضها لديك بسبب القلق من أخبار تفشي الأمراض.
 
 
بالنسبة لسلوكك قد تلاحظ زيادة أو نقصان في مستويات نشاطك، أو زيادة في التدخين، أو زيادة في التهيج مع نوبات من الغضب والجدل المتكرر.
 
لدى الناس القلقين من الأصل قد نلاحظ وجود صعوبة في الاسترخاء أو النوم، وعند بعض القلقين بشكلٍ مبالغ به قد يلاحظ عليهم البكاء بشكل متكرر بسبب القلق المفرط، أو قد يصبح البعض عصبياً، أو يقوم بإلقاء اللوم على الآخرين لأي أمر يزعجه.
 
هنالك قلة قليلة قد تنخفض لديهم القدرة على الشعور بالمتعة كما كانوا سابقاً، هذه العوارض ليس بالضرورة أن تحصل عند الجميع، فنسبة من قد يشعر بهذه العوارض خاصة الأخيرة منها هي نسبة قليلة جداً من الناس، وهي بسبب القلق والتوتر، وقد جاءت كتابة هذه النشرة لمساعدة هؤلاء من النواحي التي قد تسبب لهم الشعور بالكرب.
 
اعرف متى تساعد الآخرين:
 
قد يواجه شخص ما علامات الضغط النفسي الحاد كما ذكرنا بعضها سابقاً، وقد تستمر هذه الاعراض لعدة أيام، احصل على المساعدة من خلال المتخصصين في المجالات النفسية إذا استمرت الأعراض لمدة أطول مما يجب، أو كانت شدة الأعراض أعلى مما يجب أن تكون.
 
ستجد من يستمع لك ويتعامل مع شعورك بالتوتر، وتذكر أن هذا التوتر نفسي المنشأ غالباً، وبسبب القلق المبالغ به، ورغم أن القلق ليس ذنب أحد، لكن السعي لطلب المساعدة المتخصصة للتعامل مع هذه الدرجة من القلق هي الواجب على كل أحد.
 
 
بالنسبة لجسدك عند التعرض للضغط النفسي الشديد، فمن الممكن أن تظهر بعض هذه الأعراض، كوجود انزعاج معوي، أو صداع، كما قد يعاني البعض من فقدان الشهية أو تناول الكثير من الطعام، قد يتعرض البعض للتعرق أو القشعريرة، أو يشعر بجسده مشدود أكثر من اللازم، أو قد يصبح قابلاً للشعور بالفزع بسهولة.
 
 
بالنسبة لمشاعرك فعندما ينتابنا الضغط النفسي، وشيء من الخوف قد تنتابنا بعض مشاعر القلق، وفي بعض الحالات قد ينتابنا بعض الشعور بالكآبة أو الغضب، وقد ينتاب البعض الشعور بعدم الاهتمام بأي شيء.
 
 
بالنسبة لتفكيرك عند التعرض للضغط النفسي أو الخوف، فمن الممكن في حال زيادة درجة الشعور بالتوتر أن نواجه صعوبة في تذكر الأشياء، أو نواجه تشتتاً في التفكير أو التركيز، كما قد نواجه صعوبة في اتخاذ القرارات.
 
كيفية تخفيف آثار الضغط والقلق النفسي
 
من المفيد أن تعلم أنه يمكنك التحكم في التوتر وتخفيفه عن طريق أخذ الوقت لرعاية نفسك. واتبع بعض الخطوات التي قد تفيدك من مثل:
 -
ضع حدودًا للوقت الذي تقضيه في القراءة أو مشاهدة الأخبار حول تفشي المرض. رغم قلقك حول ضرورة متابعة الأخبار، ولكن احرص على قضاء بعض الوقت بعيدًا عن الأخبار للتركيز على الأشياء التي تسير على ما يرام في حياتك والتي يمكنك التحكم فيها، لتبقى على شعورٍ جيد قدر الإمكان.
 -
احصل على الحقائق من مصادرٍ موثوقة، ليس عبر التطبيقات والمنتديات الإلكترونية، ابحث عن الأشخاص والموارد التي يمكنك الاعتماد عليها للحصول على معلومات صحية دقيقة. وتعلم منهم عن تفشي المرض وكيف يمكنك حماية نفسك ومن حولك منه، دون فزعٍ أو يأس.
 -
حافظ على صحتك بتناول الأطعمة الصحية وشرب الماء والسوائل الصحية، وتجنب الكميات الزائدة من الكافيين والنيكوتين، واحصل على قسط كافٍ من النوم والراحة، ولا تنسى ممارسة الرياضة البدنية بحسب المتاح لك.
 -
استخدم الطرق العملية للاسترخاء عن طريق تمارين التنفس العميق والاسترخاء العضلي، أو عن طريق القيام بأشياء تناسبك، أو مارس بعض الهوايات الممتعة لك بحسب المتاح.
 -
خذ استراحة إن كنت تمارس أنشطة مجهدة، وافعل شيئًا ممتعًا بعد أي مهمة صعبة.
 -
تناول وجبة جيدة، اقرأ أو استمع إلى ما يطمئن به قلبك، وشارك أفراد عائلتك الحديث وبعض الأنشطة، مثل الطبخ سوياً أو اللعب سوياً أو متابعة شيء ما يجمعكم.
 -
تحدث عن مشاعرك مع أحبائك وأصدقائك، ثم استمتع بمحادثات لا علاقة لها بالمرض، وذكّر نفسك بالعديد من الأشياء المهمة والإيجابية في حياتك.
 -
لا تقلق من حولك، خاصة الأطفال بكثرة الحديث عن المرض والمرضى، وإذا قمت بتوجيه الأطفال فوجههم بطمأنتهم لا بتخويفهم.
 -
استثمر الوقت مع أهل بيتك وأولادك بشكلٍ حسن أثناء فترة البقاء في المنزل، في أيام العطلة المدرسية.
 
 
البحث عن السكينة
 
أولاً وأخيراً ابحث عن السكينة، وزد إيمانك بقضاء الله وقدره، فالإنسان مفتقر إلى الله ورحمته في كل حالٍ من أحواله، ولا يبعد شر القدر إلا رب القدر والقدرة، فلا تنسى الدعاء لك ولأحبتك بأن يحفظكم الله، حصّن نفسك بأذكار الصباح والمساء، وتذكر الآيات والأحاديث الكريمة:
 
- (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) (يوسف 64)
 
- (قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (التوبة 51)
 
- (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء 78-80)
 
ولا تنسى ما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: كُنْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالَ: يَا غُلَامِإنِّي أُعَلِّمُك كَلِمَاتٍ: احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْك، احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك، إذَا سَأَلْت فَاسْأَلْ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوك بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَك، وَإِنْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوك إلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْك؛ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتْ الصُّحُف. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ رقم:2516 وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ: احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أمامك، تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفُك فِي الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك، وَمَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنْ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا.
 

 

الدكتور يوسف مسلم

الدكتور يوسف مسلم

الدكتور يوسف مسلم

الدكتور يوسف مسلم

الدكتور يوسف مسلم